الأستاذ الدكتور خالد فهمي : كأن القرآن يتنزل من جديد (زمان الأزمة) الحلقة التاسعة موسم شهر رمضان 1441 هـ

شارك :

خزانة الأديب :  الأستاذ الدكتور خالد فهمي  يكتب :
كأن القرآن يتنزل من جديد (زمان الأزمة) الحلقة التاسعة موسم شهر رمضان 1441 هـ


يقول رب العزة سبحانه ﴿فلما جاءتهم آياتنا مبصرة قالوا هذا سحر مبين﴾ [ سورة النمل27/13]
هذه آية جليلة القدر جدا، وهى آية من آيات زمان المحن والأزمات.
وهى آية تشرِّح نفسية قطاع من الجماهير طُمس على قلبه فلم يدرك أو يعي، وضُرب على سمعه فلم يعد يصيخ لدعوة الحق، وغُشي على بصره فلم يعد يرى نور الحق وضياه.
الآية نُظمت على طريقة الخطين المتوازيين، الخط الأول يكشف عن استعلان وجه الحق من طرق كثيرة متآزرة ويكشف عن تراكم الأدلة على أن طريق الله سبحانه واضحة ظاهرة، ويكشف عن طاعة الكون كله لله ، واستعداد الكون كله للانضمام إلى فيالق الهداية إلى الله ، ودعم الدلالة عليه، والأخذ بأيدي البشرية إلى طريقه وهداه.
الآية تتكلم عن آيات جاءت ، وتحركت، وهى آيات بالغة الرفعة لإضافتها إلى الله تعالى ذي العظمة والجبروت.
وهى آيات نهض بها كل مخلوقات الله، فإذا بك ترى الشجرة تستجيب، وتثمر النار والنور.
وترى العصا تستجيب فتتحرك ثم تعود سيرتها الأولى.
وترى الماء يفيض، ويتجمد، ثم يسيل ويتفجر ويفور،
وترى الكائنات الدقيقة تستجيب فتكسر غرور الإنسان الغشوم وتنال من كبريائه المغشوش الزائف فتمطره بالأوبئة والأمراض والطواعين،
وترى تراجع الثمرات، واحتراق المزروعات، وحصد النفوس، وتفشي العذابات.


ثم إن الآية تعلن أن هذه الآيات بينة جلية واضحة، إذ تأولنا ﴿مبصرة﴾ على الوضوح والظهور. وتعلن أنها آيات محل تأمل، وداعية تدبر ، وحاملة على الخشوع في محراب جلال الله تعالى، وقدرته تعالى، وبطشه سبحانه إذا قرأناه ﴿مَبْصَرة﴾ بوصفها مصدرا ميميا .مع الآخذ بعين الاعتبار القول بتشذيذ القراءة هذه. 


الآية في خطها الأول دعوة صريحة لمراجعة كل نظريات الإبصار، وتجديد علوم الضوء والتصوير؛ عندما تنسب الإبصار للآيات لا للأعين!


والآية في خطها الأهير الذي ختمت به تقرر أن الاستعمال الزائف لسلطة اللغة هو السبيل لتدويخ الجماهير، فإذا الوضوح غبش، وإذا الظهور مدخول مشغوب عليه، وإذا النور سراب، والآية تقول إن أهل الباطل يسمون الأشياء بغير أسمائها، فيسمون تعالن الحق سحرا، ويسمون الانتصار للحق سحرا، ويسمون تضافر الآيات نصرة لله سحرا ، ثم يزيدون فيجعلون من كل هذا الحق سحرا مبينا.
الآية في ختامها تعري أحد أكثر أسلحة الباطل إجراما وفتكا بالبشر ألا وهى مؤسسة تزييف الحقائق من بوابة المعجم.


الآية تقرر أن مؤسسة الاستبداد، ودوائرها التي تسير في فلكها، فتدعمها، وتشايعها، وتفوضها، وتلهج بالتسبيح لها، وتشاركها صناعة الفسق- تسير في حربها للآيات البينات بالاستثمار في توظيف المعجم، وتقليب الحقائق من طريق استعمال التسميات وإطلاقها على غير ما وُضِعت له في أصل اللغة .


إن الآية تقرر أن نهج الطغيان في توظيف التسميات في إطلاقها بالزور والبهتان على غير ما وضعت له في اللغات هو الاستراتيجية التي لم تنقطع ، وهى سبيل مواجهة أهل الحق ، وبيان أهل الحق.


الآية تدعو إلى التوسع في دراسة خطاب الطغيان، وتعرية خطاب الطغيان، وتفكيك خطاب الطغيان وإعلام الطغيان.
شارك :

الدكتور خالد فهمي

درر وجواهر العلماء

قرآنيات

كأن القرآن يتنزل من جديد

كأن القرآن يتنزل من جديد (زمان الأزمة)

ما رأيك بالموضوع !

0 تعليق: