الدكتور خالد فهمي : كأن القرآن يتنزل من جديد (زمان الأزمة) الحلقة العاشرة موسم شهر رمضان 1441 هـ

شارك :

خزانة الأديب :  الأستاذ الدكتور خالد فهمي  يكتب :
كأن القرآن يتنزل من جديد (زمان الأزمة) الحلقة العاشرة موسم شهر رمضان 1441 هـ


يقول ذي العزة والجبروت ﴿وجحدوا بها
واستيقنتها أنفسهم ظلما وعلوا
فانظر كيف كان عاقبة المفسدين﴾ [ سورة النمل 27/14].
هذه آية مزلزلة جدا.
وأية تفجر الرعب في القلوب عند من يحملها على احتمال أن القصص من جملة آيات الأحكام، وهى كذلك.
وهذه الآية تعود إلى استثمار فكرة المثلث في النظم.
الآية تفتتح أمرها بإعلان انتصار الآيات، وبإعلان فوز الآيات، ذلك أن الجحود لا يكون- وهو شدة التكذيب، وشدة النفور من وقع الحقيقة الصلبة الصادمة على قلوب أهل الباطل_ إلا بعد معرفة تقوم في النفوس، ثم يحملها المرض على الإنكار والشغب عليها.
الجحود والاستيقان : هو أكبر إعلان أعلنته نفوس القوم بانتصار الآيات التي جاءتهم مبصرة،
والجحود والاستيقان هو أكبر إعلان لهزيمة مؤسسة الاستبداد والطغيان.
الجحود والاستيقان شغب على موسى،
والجحود والاستيقان استنفار للسحرة.
والجحود والاستيقان حشد للجماهير في يوم الزينة. والجحود والاستيقان انخداع بعلامات العلو من عدد الجنود المأمورين ومن عدد الجماهير الفاسقين ومن عدد المنشآت التي منحت القوم شعورا بالإنجاز ، ولّد شعورا بالعلو ، ومن عدد الأموال والثروات التي حازتها مؤسسة الاستبداد على امتداد الزمان الطويل.
كان هذا هو المفتتح.


ثم جاءت قاعدة المثلث :ظلما وعلوا؛ لتقرر أن الظلم _كفرا كان أواستبدادا- مانع من الخضوع للحق، ومانع من الانصياع لوحي السماء، ومانع من متابعة الأتقياء.


الظلم والعلو في الآية اغترار بمؤسسة السحر والثقافة والدعاية.


والظلم والعلو اغترار بالسلطة التي يمنحها النيل لمن يركب منصة الحكم في مصر وهو يجري من تحته.
ثم يأتي الضلع الأخير لمثلث نظم الآية ليأمر بالنظر في مآلات الفاسدين.


والفاسدون يومئذ هم مؤسسة الحكم، ومؤسسة الحكومة، ومؤسسة الشعب الفاسقين.


الآية تشجع على دراسة الآثار لأغراض استخراج سنن الله في الظالمين، وسنن الله في الفاسدين وسنن الله في الشعوب الفاسقين.
والآية تأمر بفحص آثار الحرب على الله، والحرب على أولياء الله.


الآية المزلزلة تقرر أن زمان الأزمات معلق بالجحود والتكذيب ونسيان العلاقات والصداقات والبنوات،
والآية المزلزلة تقرر أن زمان الأوبئة مرهون بدعم الفاسدين ، ومرهون بالتمكين لمؤسسة السحر، ومؤسسة المجون، ومؤسسة التصفيق للباطل ، ومؤسسة مؤازرة الباطل في كل اتجاه .


الآية تدعو بإلحاح من حيث هى تستعمل فعل الأمر ﴿انظر﴾ إلى التوسع في دراسة الآثار، والتنقيب وقراءة الحفريات،
ثم هى تدعو بإلحاح من حيث تستعمل فعل الأمر(انظر) إلى تجديد منهجيات البحث وتأسيس علوم الفحص والتدبر، وقراءة سنن السقوط الحضاري في الكتاب العزيز .


إن الآية تفتح الطريق إلى فحص نمط جديد من المنطق القرآني مغاير بامتياز للمنطق اليوناني .


الآية تقول إن كل أشكال الجحود على امتداد التاريخ هى أكثر شهادة من أهل الباطل من حيث لم يقصدوا على انتصار الحق وعلوه.

شارك :

الدكتور خالد فهمي

درر وجواهر العلماء

قرآنيات

كأن القرآن يتنزل من جديد

كأن القرآن يتنزل من جديد (زمان الأزمة)

ما رأيك بالموضوع !

0 تعليق: