كأن القرآن يتنزل من جديد
(1441 هـ = 2020م)
زمان الأزمة 4.
....
الآية تصل ما كان من أمر الآية التي سبقتها التي حكت موقف المروءة من تأمين الأهل والذهاب إلى مواجهة أعباء طلب العلم، وأعباء طلب الرفاهية، وأعباء طلب الخبر، وأعباء طلب الدفء والاصطلاء.
وها نحن أولاء مع النبيل أمام النار والنور، بوعي وإرادة وعزم، وذلك كله يسكن بنية {جاءها} ذلك أنه في هذه الجملة يتضح نوع العزم الصادر من الجائي، ويتضح نوع إرادة مبعثها النفس الخيّرة الساعية إلى طلب العلم، وطلب الحياة والحضارة معًا.
وفي جملة (نودي) طي لتفاصيل صغيرة عن ماهية المنادي، ومدة النداء وزمانه؛ خلوصًا لمادة النداء وفحواه، وهو درس ممتاز في التجاوز إلى الأهم ومنحه الرعاية التامة.
و {أن بورك} معقد الآية، وميزان نظمها، وقد جرى نظمها لتحقق تعادلًا مع نظم {نودي} وأول ما يلفتك هو ذلك الحرص على جماليات الصوت في الأداء اللغوي، الذي تحقق من تكرار وِزان الصيغتين.
الآية تقرر أن البركة تحققت وتأكدت بسبب الفعل الماضي.
والآية تقرر أن البركة تحققت بإطلاق، مما يصح معه أن تكون البركة تقديسا، وأن تكون البركة نماءً، وأن تكون البركة تطهرًا، وأن تكون البركة تنزيهًا، وأن تكون البركة سموًا وسموقًا، وأن تكون البركة علوًا وارتفاعًا، وأن تكون البركة كل ذلك.
ولخطر أمر البركة توجهت الآية سريعًا على غير عادتها إلى تفصيل تنزلاتها، ذكرت حدودها {من في النار ومن حولها}، إن الآية تتوسع فتجعل البركة في الإنسان، وتجعل البركة في الملائكة، وتجعل البركة في الشجرة، وتجعل البركة في الأرض، وتجعل البركة في مكونات الأرض، وعند هذه النقطة فإن استلهام الآية يحملنا على معاودة استثمار الأرض، والبحث الفاحص للحدود الجغرافية بقرينة (حولها)، وإلى استثمار الجيولوجيا والبحث الفاحص في مكونات هذه الأرض التي بورك فيها،
ما طبيعة صخرها؟
وما طبيعة تربتها؟
وما الميادين التي يمكن توظيفها فيها بموجب البركة الحالّة فيها ولم تنزع منها؟
ما الشجرة؟
وما كفاءتها المادية؟
وما مجالات الاستثمار الحضاري فيها؟
ولماذا لا نتوسع في زراعتها؟ ولماذا لا نتوسع في الصناعات الدائرة حولها؟
هل فكرنا في أن نستثمرها في إنتاج النار أو النور، أو في إنتاج الأثاث؟
أو في إنتاج نوع من الأوراق؟ أو إنتاج نوع من التحف والهدايا؟
أو إنتاج نوع من الزيوت أو فيما شئنا من منجز الحضارة؟
هل فكرنا في الاستثمار السياحي أو التنموي لأرض بورك فيها؟
هل فكرنا في العرض المتحفي المفتوح؟
هل فكرنا في نوع من المعاهد العلمية تُستثمر في ذلك كله؟
الآية في خلوصها العجيب تقول {وسبحان الله رب العالمين} ربما تقرر أن مصانع البركة ها هنا في تقديس الله تعالى وتنزيهه، وربما تقرر ضرورة الحفاية بمبحث الذكر، وآثاره التربوية والتزكوية، وربما تقرر تنشيطا لآداب الذكر، وفنونه.
الآية في خلوصها العجيب ربما تحذر من مخاطر التورط في التقديس غير الإيجابي للشجرة والأرض، وهو تحذير له مغزاه، حياطة لإيمان الناس بربهم المصدر الذي يمنح البركة، وهو تحذير بعيد التذكير بأن البركة في النار وفي الشجرة وفيما حول النار والشجرة لم يكن إلا منحة ممنوحة من الله رب العالمين، وأن البركة الممنوحة للأرض ينبغي أن تحملنا على مزيد من تنزيه الله مانح البركة.
الآية في ارتباطها العجيب بالنار المذكورة في الآية السابقة والمُحال عليها بالضمير (ها) في (جاءها) ثم بإعادة ذكرها في هذه الآية تحملنا على ضرورة التوقف كثيرًا أمام تطبيقات النار، ولو أنني أملك لدعوت إلى تأسيس معهد لدراسات النار؛ ذلك أن النار في ثقافات العالم تطهر والنار تجدد، والنار نفوذ مادي وروحي معًا، والنار حماية، والنار تنوير، وكل هذه الدلالات تفتح الطريق أمام ما لا يحصى من الاستعمالات والوظائف في مسيرة الأمة نحو استعادة الذات في نور الكتاب العزيز.
=================
الأستاذ الدكتور خالد فهمي
(1441 هـ = 2020م)
زمان الأزمة 4.
....
يقول تعالى: {فلما جاءها نودي أن بورك من في النار ومن حولها وسبحان الله رب العالمين}.هذه آية ينبغي أن تكون مبعث فخر للمصريين؛ ذلك أنها تشير إلى قطعة عزيزة مباركة من أرض مصر، هناك في سيناء.
الآية تصل ما كان من أمر الآية التي سبقتها التي حكت موقف المروءة من تأمين الأهل والذهاب إلى مواجهة أعباء طلب العلم، وأعباء طلب الرفاهية، وأعباء طلب الخبر، وأعباء طلب الدفء والاصطلاء.
وها نحن أولاء مع النبيل أمام النار والنور، بوعي وإرادة وعزم، وذلك كله يسكن بنية {جاءها} ذلك أنه في هذه الجملة يتضح نوع العزم الصادر من الجائي، ويتضح نوع إرادة مبعثها النفس الخيّرة الساعية إلى طلب العلم، وطلب الحياة والحضارة معًا.
وفي جملة (نودي) طي لتفاصيل صغيرة عن ماهية المنادي، ومدة النداء وزمانه؛ خلوصًا لمادة النداء وفحواه، وهو درس ممتاز في التجاوز إلى الأهم ومنحه الرعاية التامة.
و {أن بورك} معقد الآية، وميزان نظمها، وقد جرى نظمها لتحقق تعادلًا مع نظم {نودي} وأول ما يلفتك هو ذلك الحرص على جماليات الصوت في الأداء اللغوي، الذي تحقق من تكرار وِزان الصيغتين.
الآية تقرر أن البركة تحققت وتأكدت بسبب الفعل الماضي.
والآية تقرر أن البركة تحققت بإطلاق، مما يصح معه أن تكون البركة تقديسا، وأن تكون البركة نماءً، وأن تكون البركة تطهرًا، وأن تكون البركة تنزيهًا، وأن تكون البركة سموًا وسموقًا، وأن تكون البركة علوًا وارتفاعًا، وأن تكون البركة كل ذلك.
ولخطر أمر البركة توجهت الآية سريعًا على غير عادتها إلى تفصيل تنزلاتها، ذكرت حدودها {من في النار ومن حولها}، إن الآية تتوسع فتجعل البركة في الإنسان، وتجعل البركة في الملائكة، وتجعل البركة في الشجرة، وتجعل البركة في الأرض، وتجعل البركة في مكونات الأرض، وعند هذه النقطة فإن استلهام الآية يحملنا على معاودة استثمار الأرض، والبحث الفاحص للحدود الجغرافية بقرينة (حولها)، وإلى استثمار الجيولوجيا والبحث الفاحص في مكونات هذه الأرض التي بورك فيها،
ما طبيعة صخرها؟
وما طبيعة تربتها؟
وما الميادين التي يمكن توظيفها فيها بموجب البركة الحالّة فيها ولم تنزع منها؟
ما الشجرة؟
وما كفاءتها المادية؟
وما مجالات الاستثمار الحضاري فيها؟
ولماذا لا نتوسع في زراعتها؟ ولماذا لا نتوسع في الصناعات الدائرة حولها؟
هل فكرنا في أن نستثمرها في إنتاج النار أو النور، أو في إنتاج الأثاث؟
أو في إنتاج نوع من الأوراق؟ أو إنتاج نوع من التحف والهدايا؟
أو إنتاج نوع من الزيوت أو فيما شئنا من منجز الحضارة؟
هل فكرنا في الاستثمار السياحي أو التنموي لأرض بورك فيها؟
هل فكرنا في العرض المتحفي المفتوح؟
هل فكرنا في نوع من المعاهد العلمية تُستثمر في ذلك كله؟
الآية في خلوصها العجيب تقول {وسبحان الله رب العالمين} ربما تقرر أن مصانع البركة ها هنا في تقديس الله تعالى وتنزيهه، وربما تقرر ضرورة الحفاية بمبحث الذكر، وآثاره التربوية والتزكوية، وربما تقرر تنشيطا لآداب الذكر، وفنونه.
الآية في خلوصها العجيب ربما تحذر من مخاطر التورط في التقديس غير الإيجابي للشجرة والأرض، وهو تحذير له مغزاه، حياطة لإيمان الناس بربهم المصدر الذي يمنح البركة، وهو تحذير بعيد التذكير بأن البركة في النار وفي الشجرة وفيما حول النار والشجرة لم يكن إلا منحة ممنوحة من الله رب العالمين، وأن البركة الممنوحة للأرض ينبغي أن تحملنا على مزيد من تنزيه الله مانح البركة.
الآية في ارتباطها العجيب بالنار المذكورة في الآية السابقة والمُحال عليها بالضمير (ها) في (جاءها) ثم بإعادة ذكرها في هذه الآية تحملنا على ضرورة التوقف كثيرًا أمام تطبيقات النار، ولو أنني أملك لدعوت إلى تأسيس معهد لدراسات النار؛ ذلك أن النار في ثقافات العالم تطهر والنار تجدد، والنار نفوذ مادي وروحي معًا، والنار حماية، والنار تنوير، وكل هذه الدلالات تفتح الطريق أمام ما لا يحصى من الاستعمالات والوظائف في مسيرة الأمة نحو استعادة الذات في نور الكتاب العزيز.
=================
الأستاذ الدكتور خالد فهمي
ما رأيك بالموضوع !
0 تعليق: