خزانة الأديب :
ذكرياتي مع الدكتور سعيد صوابي (رحمه الله)
☆ الركن الرابع في شخصية العلامة الشيخ/ سعيد صوابي هو ركن الحكمة!
☆ حقًّا، لقد كان الشيخ-رحمه الله وطيب ثراه-حكيمًا، ومن يؤتَ الحكمة فقد أوتي خيرًا كثيرًا.
☆ من حكمة الشيخ: أنه كان لا يَصدر عن رأي عَجِل، ولا يصدر عن رأي فذ، ولا يقرر وهو غضبان، بل يتمهل، ويتأنى، ويتروى، ويستشير، ويستخير، وينتظر ساعة الصفو، ولحظة الحلم، ثم يتخذ قراراته بكل حزم، وحسم، ويمضي في سبيله مطمئنًا، لا يلوي على شيء.
☆ ومن حكمة الشيخ أنه كان يستمع إلى كل الأطراف، ويستقصي أركان المشكلة، ويبحث دقائقها، قبل أن يحكم لطرف، أو ينحاز إلى آخر، أو يحمل على أحد حملته الضروس التي لا يقف لها أحد؛ عن يقين لا ظن يخالجه، وعن بينة لا غبش فيها، وعن برهان لا يداخله مثقال ذرة من شك!
☆ وقد عاصرتُ معه مشكلة تخص مسجد ومجمع أبي سعيد الخدري؛ الذي بذل فيه عصارة فكره، وريعان شبابه، وشطر ماله، وأراد من أراد أن يسطو على ذلك كله عنوة: فأعتبه الشيخ، حتى إذا تيقن من إرادة الأخر غير الخير، وسعيه ضد المصلحة العامة: جرّد عليه الشيخ كل قوته، وجهّز له حملته، وخاض المعركة غير هيّاب؛ حتى أقام معالم الطريق، وردَّ الحق إلى نصابه، في تواضع القوي، وهيبة الحكيم!
☆ ومن حكمة الشيخ: أنه كان يصدع بكلمة الحق، في كل زمان، وكل مكان، وعلى تقلب الأحوال، دون أن يُمكِّن متسلطًا من رقبته، أو يضع جهده في مهب الريح، أو يجعل مريديه -وهم بالآلاف- هدفًا لغشوم، بل كان يتخير ألفاظه بكل دقة، وكان يتحدث عن القضية، لا عن الأشخاص، ويتناولها بتلطف وحِلْم، لا بنزق ولا بطيش -وحاشاه- ويُقدّر لكل أمره قدره؛ لا يهول الحقير، ولا يهون الخطير، بل يقيم الوزن بالقسط، ولا يخسر الميزان.
☆ هذه مجرد شذرات من دلائل حكمة الشيخ الجبارة، ولو تركتُ لذاكرتي العنان في التدوين: لملأت صحفًا مطهرة، فيها مواقف قيمة، وفي الغد بإذن الله نعايش ظلالًا من الركن الخامس في شخصية أستاذنا العلامة؛ وهو المنهجية.
تكملة الذكريات ستتابعونها تباعا على هذا الرابط إن شاء الله
الأستاذ الدكتور محمد علي صالحين
أستاذ مساعد سابق لدى كلية دار العلوم جامعة المنيا
ما رأيك بالموضوع !
0 تعليق: