خزانة الأديب:
أ.د/ خالد فهمي :كأن القرآن يتنزل من جديد (نحو تعزيز الهوية) المقالة الثانية ١٤٤٣هـ - 2022 م
يقول رب العزة الواحد الأحد الفرد الصمد :
يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لَا تَغْلُوا فِي دِينِكُمْ وَلَا تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ إِلَّا الْحَقَّ ۚ إِنَّمَا الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ رَسُولُ اللَّهِ وَكَلِمَتُهُ أَلْقَاهَا إِلَىٰ مَرْيَمَ وَرُوحٌ مِنْهُ ۖ فَآمِنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ ۖ وَلَا تَقُولُوا ثَلَاثَةٌ ۚ انْتَهُوا خَيْرًا لَكُمْ ۚ إِنَّمَا اللَّهُ إِلَٰهٌ وَاحِدٌ ۖ سُبْحَانَهُ أَنْ يَكُونَ لَهُ وَلَدٌ ۘ لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ ۗ وَكَفَىٰ بِاللَّهِ وَكِيلًا
هذه آية مؤسسة لتوحيد الله في التصور الإسلامي تنهض بوظيفة السلب والنقض لما يخالف مبدأ الإيمان الخالص الصافي من كدورات الشرك.
الآية تقرر مبدأ التواصل الفعال والإيجابي مع الآخر وتفتتح خطابها بما يغري بالإقبال والقبول وهو نداؤهم بـ(يا أهل الكتاب).
والآية تترفق في التواصل فتنهى عما تسميه غلوا في الدين.
وهو نهي يدخل إليهم من بابة المدح وإحسان الظن أن ما كان مع كدورات التوحيد ناشئ عن مجاوزة الحد في التقديس وتقدير رفعة شأن المسيح عليه السلام.
والآية مثال عبقري لرعاية أصول البيداجوحيا/التربية والتعليم الرفيعة الراقية؛ التي تلوذ بهدم الخطأ، ثم هي تتقدم خطوة إيجابية حاسمة في تعيين الصواب عندما تقرر على جهة القصر (إنما إلهكم الله إله واحد)
ويسبق ذلك البيان الحاسم ببيان حاسم يستثمر استراتيجية القصر أيضا
فيقول الله تعالى: (إنما المسيح ابن مريم رسول الله وكلمته).
ومن تضافر هذين الحسمين تستقر حقيقة بشرية عيسى عليه السلام كاملة غير مختلطة بشيء آخر على الإطلاق.
الآية نص بالغ الوضوح يلوذ بتوظيف استراتيجيات الوضوح والشفافية المعجمية فيخبر عن الله بالواحدية ويخبر عن عيسى بالبشرية والتبعية المخلوقة من الله تعالى.
والآية نص في تطبيق استراتيجيات الوضوح والشفافية والمثالية التركيبية أو النحوية وهو ما يتضح فيما يلي :- نسب الله عيسى إلى مريم وهذا إسقاط بالاستدلال العقلي باستثمار باب العلم في نفي نسبة المسيح إلى الله كامل التنزيه سبحانه؛إذ من كان ابن أمه لايكون ابن الله المنزه عن الولد. وهذه النقطة تفتح الباب وسيعا أمام الفحص الفيلولوجي وأثر التصحيف والتحريف في فساد الدلالات.
- توظيف النفي المؤكد المتكرر؛ فقد نهى الله من الركون إلى فكرة التثلي، فقال :لا تقولوا ثلاثة. ثم أمر بالانتهاء فقال:انتهوا وهو توكيد للنهي السابق. ثم هدد وتوعد فقال :انتهوا خيرا لكم. ثم نفى من حيث نزه ذات الله عن اتخاذ الولد فقال :سبحانه أن يكون له ولد.
- انتشار إعلان حقيقة التوحيد الخالص من الطرق السلبية بنفي الشريك والايجابية بإقرار تبعيةكل ما في السموات والأرض له ومخلوقيتهم له على جهة الاستيعاب والاستغراق.
الآية واحدة من النصوص العوالي التي تؤسس سياسات بناء الهوية المسلمة من أصرح الطرق وأوضحها.
_____________________
روابط تهمك
- لقراءة سلسلة (كأن القرآن يتنزل من جديد) الجزء الأول هنا
- لقراءة سلسلة (كأن القرآن يتنزل من جديد) زمان الأزمة هنا
- قراءةسلسلة(كأن القرآن يتنزل من جديد) نحو تعزيز الهوية هنا
- لقراءة كل مقالات وكتابات الأستاذ الدكتور خالد فهمي هنا
.
______________________________________
روابط تهمك
- لقراءة سلسلة (كأن القرآن يتنزل من جديد) الجزء الأول هنا
- لقراءة سلسلة (كأن القرآن يتنزل من جديد) زمان الأزمة هنا
- قراءةسلسلة(كأن القرآن يتنزل من جديد) نحو تعزيز الهوية هنا
- لقراءة كل مقالات وكتابات الأستاذ الدكتور خالد فهمي هنا
.
ما رأيك بالموضوع !
0 تعليق: