خزانة الأديب :
الدكتور عزمي عبد البديع : (آية وتفسيرها) الآية الأولى {اللَّهُ وَلِيُّ الَّذِينَ آمَنُوا يُخْرِجُهُم مِّنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ}{اللَّهُ وَلِيُّ الَّذِينَ آمَنُوا يُخْرِجُهُم مِّنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ ۖ وَالَّذِينَ كَفَرُوا أَوْلِيَاؤُهُمُ الطَّاغُوتُ يُخْرِجُونَهُم مِّنَ النُّورِ إِلَى الظُّلُمَاتِ ۗ } من سورة البقرة .
ولاية الله تعالى ولاية على الحقيقة والتحقيق أما ولاية الطواغيت فهي جارية على السخرية والاستهزاء مجازا لأنهم يعجزون عن نصر أنفسهم فكيف بمن اتخذوهم أولياء من دون الله!
والذين كفروا (أَوْلِيَاؤُهُمُ) بصيغة الجمع لتعددهم وكثرتهم فللباطل جهات عِدة وللحق جهة واحدة ومصدر واحد وليس بعد الحق إلا الضلال ومَن يعمل أجيرا عند رجل واحد خير ممن يعمل أجيرا عند شركاء إن أرضى واحدا أسخط الآخر ولله المثل الأعلى.
(يُخْرِجُهُم مِّنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ) أي من ظلمات الكفر والشكّ إلى نور الإيمان واليقين وإسناد الفعل (يُخرج) إلى الله تعالى في صدر الاية إسناد حقيقي وإسناد الفعل (يُخرج) إلى الطاغوت إسناد مجازي علاقته السببية.
وكل لفظ الظلمات والنور في القرآن الكريم فالمراد بهما ظلمات الكفر ونور الإيمان إلا في مطلع سورة الأنعام (الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَجَعَلَ الظُّلُمَاتِ وَالنُّورَ) فالمراد بهما لفظ الحقيقة.ولفظ النور في القرآن جاء بصيغة المفرد في كل موضع للدلالة على وحدة المصدر بينما ورد لفظ الظلمات بصيغة الجمع لكثرة سبلها وتعدد جهاتها وهذا من خصائص أسلوب القرآن الكريم وطريقته في الإعجاز.
وِلايةُ الطواغيت تضرّ أصحابها في الدنيا والأخرة ولهذا ذُيلت الآية الكريمة بقوله (أُولَٰئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ ۖ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ) فبئس ولاية لا ترفع لصاحبها في الدنيا راية ولا تحقق له غاية وفي الآخرة خسران وعذاب أليم. وقد وقف الإمام السيوطي رحمه الله على هذه الآية المباركة فاهتدى إلى أكثر من مائة وعشرين فنا من فنون البلاغة والبديع ونسأل الله تعالى الهداية والتوفيق.
ما رأيك بالموضوع !
0 تعليق: