الدكتور خالد فهمي يكتب : كأن القرآن يتنزل من جديد (زمان الأزمة) الحلقة الثانية عشر موسم شهر رمضان 1441 هـ

شارك :

خزانة الأديب :

الدكتور خالد فهمي يكتب : كأن القرآن يتنزل من جديد (زمان الأزمة) الحلقة الثانية عشر موسم شهر رمضان 1441 هـ

....

يقول تعالى ﴿وورث سليمان داود
وقال يا أيها الناس عُلِّمنا منطق الطير
وأوتينا من كل شيء
إن هذا لهو الفضل المبين﴾[ سورة النمل 27/15].

هذه آية منهج بامتياز.
وهى آية بيان لطريق صيانة الحضارة بامتياز أيضا.
الآية نُظمت على تقنية المربع الجامع، فكان المفتتح العجيب ﴿وورث سليمان داود﴾ نصا مثاليا في تركيبه النحوي، وتراتب أجزائه فعلا وفاعلا ومفعولا به.
وقد سكتت الآية عن مادة ما ورثه سليمان من داود؛ لكي تفتح الآفاق لتمثل هذه المادة الموروثة، التي تتجلى في ميراث العلم، والنبوة ، وسياسة الجماهير، وصناعة المُلك، وحياطة الممالك، وصناعة العدل بين الناس والخلائق جميعا.
وكل ذلك كان .
ركن الربع الأول من الآية يؤسس لما ينبغي أن تحرص عليه الأمة في صناعة مادة المستقبل، وإعداد قادة الزمان القادم، على أساس العلم وحقائق النبوة، وسياسة الناس، وإشاعة العدل، والتأتي لحماية الحضارة ، وتشييد الممالك، وصيانة ما به قيام المُلك وعلوه.
والآية في ركنها الثاني وقال ﴿يا أيها الناس﴾ دعوة بالغة إلى إتقان صناعة فنون تشهير "نعمة الله " بين الجماهير على حد تعبير أهل العلم بالتفسير من القدماء.
وتشهير نعمة الله تعالى يفتح الباب لمراجعة البرامج والقواعد والمواثيق المنظمة لصناعة الإعلام،
ويفتح الباب لمراجعة البرامج والقواعد والمواثيق المنظمة لتربية الجماهير، وتهذيب الشعور القومي، وربطه بنعم الله تعالى.
ثم يأتي ركن المربع الثالث ﴿عُلمنا منطق الطير، وأوتينا من كل شيء﴾ ليفرض الإقرار بتفصيلات النعمة، وتفصيلات عطاء الله تعالى، وليفرض التواضع في مسيرة صناعة الحياة، وليفرض بيان أن صناعة الدول والممالك تنهض على عمادين ظاهرين هما:
- التوسع في التعليم، وارتياد الآفاق الجديدة في ميادين العلوم.

- واستثمار الوحي، والإخبات لله، واستثمار عطائه، واستقبال منحه، وما يتفضل به على خلقه مما بثه في الوجود من موارد، وقوانين، وتسخيرات وتذليلات.

والآية في ركن مربعها الأخير ﴿إن هذا لهو الفضل المبين ﴾ تحرص على إقرار ما به حياطة الحضارة وصيانتها من مادة الفتك بها وهو الغرور والتكبر.

في ركن الآية الفعلان (علمنا/ وأوتينا) أسندا إلى الضمير (نا).
والضمير (نا) مظنة التكبر والغرور ظاهرا وابتداءً،

ولكن ركن المربع الأخير جاء ليسقط شبهة التكبر والغرور التي أطلت برأسها من وراء هذا الضمير المتعاظم التيَّاه، بإعلان نسبة ما كان من العلم وما كان من الإيتاء والإعطاء لله سبحانه صاحب الأفضال المتواترة الواضحة، والمنن العامرة الغامرة.
الآية نص بديع فيما ينبغي أن يحكم دراسات التخطيط لمستقبل الأمة إن أرادت أن تنهض، وتقاوم كبوتها.

الآية تقرر أن الطريق يبدأ من تفعيل مواريث الأنبياء، وتفعيل مواريث حكمة الأنبياء، وتفعيل مواريث إدارة الأنبياء.
والآية تقرر أن عماد البناء كامن في التعليم، والتجديد في التعليم، واستثمار ما منح الله ، ووهب، مع الاعتراف بفضله على العالمين.

-----------------------------

شارك :

الدكتور خالد فهمي

درر وجواهر العلماء

قرآنيات

كأن القرآن يتنزل من جديد

كأن القرآن يتنزل من جديد (زمان الأزمة)

ما رأيك بالموضوع !

0 تعليق: