الدكتور خالد فهمي يكتب : كأن القرآن يتنزل من جديد (زمان الأزمة) الحلقة الحادية عشر موسم شهر رمضان 1441 هـ

شارك :

 
خزانة الأديب :  الأستاذ الدكتور خالد فهمي  يكتب :

 كأن القرآن يتنزل من جديد (زمان الأزمة) الحلقة الحادية عشر موسم شهر رمضان 1441 هـ

يقول رب العزة سبحانه ﴿ولقد آتينا داود وسليمان علما
وقالا : الحمد لله الذي فضلنا على كثير من عباده المؤمنين﴾[ سورة النمل 27/15]

هذه الآية عظيمة جدا؛ لأنها توشك أن تفتح الطريق لإعادة إحياء نظرية الحكم من جديد على هدي القصص القرآني الذي هو مظنة لأحكام كثيرة جدا، من شأنها أن تضبط حركة جماعة المسلمين، بوصفهم أمة متمايزة بالتصور المعرفي المائز الذي تملكه.
الآية ينتظمها خطان يسيران متوازيين، الأول يشرح كيف تتأسس الدول، وتُبنى الممالك وتُشيد الصروح، وتُستدام المنعة، وتُصان العزة والكرامة الوطنية.


الآية تؤكد أن العلم في أصل النظر إليه منحة من الله تعالى والعلم في الآية منفتح جدا. العلم معرفة الله تعالى معرفة دقيقة تقود إلى امتلاك الحياة، وتحقيق الميلاد الجديد.


والعلم كل ما به إدارة الوجود، وتعبيده لله، وهنا لا يصح القول بتشذيذ من أوَّل العلم بالكيمياء، ذلك أن تفسير القرآن بالقرآن يدعم ذلك التأويل، فقد ظهر في آية أخرى أن الله تفضل على داود فعلمه صنعة لَبوس للناس، وعلمه صناعة الدروع والجِفان والقدور الراسيات.
الآية في خطها الأول دعوة صريحة أن تتقدم الأمة إلى ميادين العلم جميعا: النظري الإنساني والعملي التطبيقي معا. وهي دعوة صريحة للتفتيش فيما كان من موائز مملكة سليمان الذي آل إليه علم داود وحكمته – كما سيتضح فيما بعد.
والآية توشك أن تامر أولي النباهة في الأمة أن يفكروا طويلا في الاستقلال بصناعة ما به حماية الناس وقت الحروب ووقت السلام،
والآية توشك أن تأمر رعاة التعليم العالي والبحث العلمي في الأمة أن يؤسسوا المعاهد للدراسات التطبيقية المتقدمة في المعادن، وسبل الاستثمار في المعادن.


والآية توشك أن تقرر أنه يلزم افتتاح المختبرات لدراسة سلوك الطير، ولغة الطيور واستثمار ذلك في التنبؤات، والرصد ومواجهة الأزمات قبل هجومها على الناس.


والآية في خطها الثاني الذي يسير متوازيا مع خطها الأول تقول إن منحة العلم الحاكم مع الحكم الحامي له والمحافظ عليه يجب أن تحاط بمادة صيانتها، ومادة صيانة العلم والحكم والدول ماثل في حمد الله تعالى، والإقرار بفضله، والاعتراف بما منح، وأعطى، وأولى به جماعة من المؤمنين.


الآية تقرر أن العلم يصون الإيمان في الأرض ويدعمه،
والآية تقرر أن الناس يتفاضلون – على فرض إيمانهم جميعا- بما يحوزونه من العلم.
الآية تقرر قانونا بالغ الوضوح في تأسيس نظرية الحكم وسياسة الجماهير وتحقيق النهوض للشعوب قائما على مصنع " العلم والإيمان"،



والآية توشك أن تقرر أن الإيمان بمعزل عن العلم الذي يحفظه ويحوطه بالعزة والكرامة_ يوشك أن يكون في مهب الريح، ويعرض أصحابه للهزيمة الحضارية؛ لأن غيرهم سوف يفوقونهم إذا حصلوه في ميادين الحياة والوجود.

شارك :

الدكتور خالد فهمي

درر وجواهر العلماء

قرآنيات

كأن القرآن يتنزل من جديد

كأن القرآن يتنزل من جديد (زمان الأزمة)

ما رأيك بالموضوع !

0 تعليق: