الدكتور خالد فهمي يكتب : كأن القرآن يتنزل من جديد (زمان الأزمة) الحلقة السادسة والعشرون موسم شهر رمضان 1441 هـ.

شارك :
خزانة الأديب :

الدكتور خالد فهمي يكتب : كأن القرآن يتنزل من جديد (زمان الأزمة) الحلقة السادسة والعشرون موسم شهر رمضان 1441 هـ..

يقول رب العزة الرحمن الرحيم: ﴿إنه من سليمان
وإنه بسم الله الرحمن الرحيم﴾ [ سورة النمل 27/30]

هذه آية مشعرة بما يلزم من الجد، والارتقاء لمستوى المسئولية عند هجوم الخطر على الدول والبلدان منخارج حدودها. وهى آية عجيبة جدا في ذلك المخزون الرهيب الذي تختزنه في بنيتها من دلالات تحتمل التهديد، وتحتمل البيان، وتحتمل ما شئت مما هو دائر في علاقات الدول بعضها ببعض عندما تريد حماية أمنها القومي وحماية مقدرات شعوبها، وأوطانها .
الآية في جملتها الأولى (إنه من سليمان) نص في الوضوح، والإعلام، ونص فيما ينبغي أن تكون عليه أمثال هذه الكتب والرسائل من إجازة وقراءة الكسر (إنه من سليمان) : يكشف عن افتتاح الاجتماع بتلاوة مادته التي اجتمعوا من أجل التباحث حولها.
وقراءة الفتح (أنه من سليمان)تعليل للوصف السابق الذي جرى على لسان ملكة سبأ فيما كان من أمر وصفها رسالة سليمان التي ألقاها سفيره إليها، وهو الهدهد بأنه كتاب كريم.
جملة الآية الأولى نص ظاهر في "التواضع" الوظيفي؛ وأقصد به تعرية الاسم الشريف من الألقاب تدويخا للقوم، ومنعا لأي مادة لغوية يمكن تحليلها، والخروج منها بمعلومات تعين على مواجهة سليمان.
الجملة نص في عبقرية الإيجاز المحقق لنوع تحفظ في إمداد الدول المنافسة أو الخصوم؛ لأي معلومات يمكن أن تنفعهم في منافساتهم أو صراعاتهم مع الأمة.
وجملة الآية الثانية : (وإنه بسم الله الرحمن الرحيم) : جملة عبقرية، لأنها تتحرك بإثبات الصنعة البديعة لله في خلقه، وإعلان استحقاقه بالعبودية وحده وإعلان كمال التصرف منه في أمور الوجود،
ثم هى آية إطماع،
ونص في الدبلوماسية الحذرة؛ التي تمنع وتمنح في الوقت نفسه ، وتقول من حيث لا تقول، وترهب بقدر ما ترغب.
ثم إن هذه الجملة حجاجية بامتياز؛ لأنها أعلنت من حيث هى افتتاح إسقاط رتبة سجود المملكة للشمس من دون الله، وأعلنت من حيث هى افتتاح مرة أخرى عما يمكن أن يسمى بالنظام العام لدولة سليمان، والدين الذي تدين به مملكته وأمته،
وربما تتضمن نوع إعلان عن القوة التي ترتكن إليها في سعيه وحركته في بناء العلاقات الدولية، إنه الله الذي يمد الأمة بقوتها في كل اتجاه.
الآية بجملتيها الجامعتين بين الإعلام، والبيان تشير إلى أن الأمة يلزما الجمع بين: العلم والعمل، والآية نص جليل يفتح الباب أمام ضرورة العناية بالكتابة الوظيفية في إدارة الدولة المسلمة، وهو باب قصرت فيه الأكاديميات العربية المعاصرة في أقسام تعليم اللغات، وأقسام تعليم الإدارة ، وأقسام تعليم علوم الاتصال وغيرها من الححقول المعرفية التي تشتبك مع قضايا الدولة والأمة والجماهير.
الآية نص في أهمية العناية بمبحث البسملة، وهو بعض ما فهمته الأمة في تاريخها العلمي الطويل عندما عكفت عليه، وأخرجت للناس منه تراثا عريقا من أدبيات البسملة ، في صورة مؤلفات مستقلة. والآية تفتح الباب أمام أهمية إعادة الاعتبار لمبدأ " البركة" في برامج التنمية ، وضرورة تقنين سبيل تنزيلها في مشروعات التنمية بالسبل المختلفة.
والآية في جملتها الأخيرة هذه تفتح الطريق أمام ضرورة العنايات بجماليات البسملة، وتطوير خطوطها، واستثمارها في إنتاج مواد جمالية مادية من لوحات فنية ، وزخرفية، وجداريات، ومواد معدنية مشغولة وحلي وزينة، وزينة العمارة، وزينة المساجد، والمنشأت، وخطابات الاعتماد، والتذكاريات وما يمكن أن يتوصل إليه المحترفون في مجال الفنون الجمالية.الآية توشك أن تكون تكليا لدعم تطوير نظرية الفنون الجميلة على هدي النموذج المعرفي، توشك أن تكون دعما لتطوير الفنون الجميلة المرتكزة على تشكيلات الخط العربي، والآية توشك أن تدعو إلى استثمار جماليات البسملة في التنسيق الحضاري ، وفي العلاج بالفنون الجميلة، وفي إصلاح مشكلات التشوه البصري في اللافتات، والميادي ، وواجهات المباني، والمواصلات والمحطات وغيرها.
صحيح أن الآية في سياق نظمها هادية إلى نمط مائز من إدارة العلاقات الخارجية ، لكنها لا تمنع من كل هذه الصور من الاستلهامات والاستثمارات.
شارك :

الدكتور خالد فهمي

درر وجواهر العلماء

قرآنيات

كأن القرآن يتنزل من جديد

كأن القرآن يتنزل من جديد (زمان الأزمة)

ما رأيك بالموضوع !

0 تعليق: