الدكتور خالد فهمي يكتب : كأن القرآن يتنزل من جديد (زمان الأزمة) الحلقة الثالثة والعشرون موسم شهر رمضان 1441 هـ.

شارك :
خزانة الأديب :

الدكتور خالد فهمي يكتب : كأن القرآن يتنزل من جديد (زمان الأزمة) الحلقة الثالثة والعشرون موسم شهر رمضان 1441 هـ..

يقول رب العزة الحَكَم العدل :﴿ قال سننظر أصدقت أم كنت من الكاذبين﴾[سورة النمل 27/27]
هذه آية منهج في سياسة الحكم،
وهى آية مثال فيما يلزم حضوره فيمن يتصدى للحكم، والقضاء، والتربية، والتعليم وسياسة الجماهير، وما شئت مما يلزم معه إنصاف الناس.
الآية جملة تحكي مقول قول سليمان إجابة عما قدمه في تقريره عن مملكة سبأ، وشعبها، وحكومتها ودينها، وتقاليد الناس فيها.
وهى ما يكشف عن نمط حيٍّ من التواصل بين القيادة وأفرادها، تسمع منهم، وتناقشهم ، وتجيبهم ، وترد عليهم، وتقدر سعيهم، وتحترم عملهم ، وتستقبل تقاريرهم بالجد الواجب، والتقدير المسئول .
الآية تلوذ بتعيين زمان فحص التقرير الذي قدمه الهدهد بوصفه أحد العمال في الدولة، وغالب الظن أن الموعد كان قريبا بقرينة السين التي للاستقبال، وبقرينة السياق العام الذي يوحي بخطر ما جاء في تقرير الهدهد والمتعلق بها الأمن القومي للأمة المسلمة في ذلك الزمان.
وينزل الفعل : (ننظر) منزلة مركزية في نظم الآية، وننظر في الآية : فعل يتوجه إلى الفحص، والتأمل، وطلب التثبت من المعلومات التي ساقها الهدهد في تقريره، وننظر : فعل يتوجه إلى صنوف كثيرة من طرق تحليل الخطاب وقياس صدق المعلومات،
والفعل (ننظر) ناطق باحترام العمل الجماعي، واحترام تداخل الاختصاصات ، وناطق باحترام الشورى، وسؤال أهل المعرفة ، كل في اختصاصه ، بقرينة النون في أول الفعل؛ ذلك أن هذه النون التي للمضارعة مكتنزة بالوظائف.
النون توشك أن تكون عنوانا على بعض ملامح حكم سليمان الذي ينهض على احترام أهل العلم والتدبير والشورى.
ولا يصح حمل النون على أنها للعظمة، أو الكبر أو السلطان ؛ ذلك أن الأنبياء هم أئمة في الإخبات لله، وأئمة في سيرتهم بين الخلق بالتواضع لله.
والآية في نزوعها للختام تحدد المسألة في أمرين ذُكِرا على التعادل: ( أصدقت/ أم كنت الكاذبين) مع تقديم ما يدل على احترام القائد لأفراده. وهو تقديم فرضية الصدق فيما جاء به من معلومات مهمة جدا للدولة ، لأمن شعبها، ولأمن مقدراتها جميعا.
ونظم الآية في تعيين طبيعة الدعوى والنظر يعلمنا ضرورة تعيين القضية محل النظر ، وتعيين أبعادها بدقة متناهية. الآية نص بديع على مجازته الشديدة تدعم برامج مراجعة التقارير، ويدعم برامج عمل الأجهزة المركزية للمحاسبات، وعمل الأجهزة الرقابية في الأمة. والآية تدعم برامج تحليل المعلومات، وتنوعها.
والآية تدعم ضرورة التنوع في مصادر المعلومات.
والآية نص بديع الدعوة إلى تدريب القادة عند إعدادهم على الثبات الانفعالي، في ميدان قراءة التقاير واستقبال المعلومات ، وتحليل المعلومات، وميادين إدارة الأفراد، وسياسات الحكم.
والآية توشك أن تأمر بالتحلي بثقافة قبول الاعتذار وتدعو إلى تطوير برامج إدارة الأفراد والأعمال على هدي تقدير سوابق تاريخ الأفراد ونضالهم، وعلى هدي تقدير المقاصد التي حكمت تصرفاتهم ساعة تلبثوا بالأعمال .
الآية درس بليغ جدا يقرر أن نجاح الدول
والحكومات مرهون بوجود أجهزة رقابية إنسانية وذكية.
شارك :

الدكتور خالد فهمي

درر وجواهر العلماء

قرآنيات

كأن القرآن يتنزل من جديد

كأن القرآن يتنزل من جديد (زمان الأزمة)

ما رأيك بالموضوع !

0 تعليق: