خزانة الأديب :
الدكتور خالد فهمي يكتب : كأن القرآن يتنزل من جديد (زمان الأزمة) الحلقة التاسعة عشر موسم شهر رمضان 1441 هـ .
يقول العليم الحكيم : ﴿إني وجدت امرأة تملكهم
وأوتيت من كل شيء
ولها عرش عظيم﴾ [ سورة النمل 27/23]
هذه آية منصفة جدا.
وهى آية مثال على الاعتراف بفضل أصحاب الفضل ولو كان ثمة خصومة جامعة .
الآية نظمت من ثلاث جمل خبرية مؤكدة،
وهو مناسب جدا، لمقام تقديم الحذر، ولمقام سوق المعلومات التي قصد إليها الهدهد في رسالته وتقريره.
الآية في جملتها الأولى ﴿إني وجدت امرأة تملكهم﴾ نص في أن مواهب الحكم والإدارة ليست حكرا على نوع الرجال مع تقدير تمايز النماذج المعرفية، وتقدير ثوابت الدين، منعا للشغب علينا؛ ذلك أن القصص القرآني واجب استلهامه.
والآية في جملتها الأولى تدحض دعاوى الذين يريدون إهدار مواهب النساء في بعض ميادين إدارة الحياة.
وربما أكدت الجملة لنوع دفع استغراب أو تشكك لغلبة سيطرة الرجال في ثقافة مملكة سليمان عليه السلام.
والآية في جملتها الثانية ﴿وأوتيت من كل شيء﴾ تقرر في إنصاف عجيب هو ثمرة من ثمرات العدل الذي شاع في حكم سليمان، ولدى عمال سليمان – توسع ملك هذه المرأة، وتنامي حضارة بلادها.
والصدق في نقل صورة الواقع أمانة واجبة لإعانة مؤسسة متخذي القرار في الأمة للتدبير لحماية مقدرات الأمة، وصيانة قواها في مواجهة حدودها، وعمقها الاستراتيجي.
والآية في جملتها الأخيرة {ولها عرش عظيم} توكيد لما قبلها، وتدليل على صدق ما جاء فيها من معلومات بذكر عظمة الملك، واتساعه، وضخامته، وتأنقه، وتجلي علامات التقدم العلمي، والحضاري في فراهته، وزينته، ومكوناته من الأحجار الكريمة وصنوف المعادن النفيسة.
الآية تدعم تحويل الشخوص في الكتاب العزيز إلى مناهج. وهو بعض المستفاد من تنكير امرأة، وتبهيم اسمها، لتقرر أن الأمة مأمورة باستثمار مواهب النساء فيما تجيزه الشريعة من ميادين خدمة الأمة، وتحقيق نهضة شعبها.
والآية دعوة صريحة لتطوير أجهزة جمع المعلومات وتحليلها، ودعم دراسات الأمن القومي، وتأمين العمق الاستراتيجي للأمة،
والآية نص صريح في ضرورة تطوير أجهزة الاستخبارات ، ودعوة صريحة لدراسة الأفكار، وتاريخ الأفكار، والمعتقدات، والأديان، ودعوة صريحة لدعم دراسات تعايش الثقافات، وحوار الحضارات على قاعدة الاعتراف بما حققته الأمم الأخرى من تقدم ورقي، ودعوة للانفتاح المنضبط على ثقافات الأمم الأخرى، ودعم لدراسات نقد الأفكار على قاعدة التمايز الذي يحققه النموذج المعرفي الإسلامي أخذا وتركا، واستبقاء واستبعادا.
والآية دعوة صريحة للعناية بتطوير دراسات التأثير والإقناع ، ودعوة لتطوير دراسات استثمار التقنية في الدعوة إلى الله، ودعوة لتطوير دراسات الحروب النفسية، ودعوة لدعم دراسات العلاقات الدولية ،
الآية مثال صريح في منهجية تحسين العلاقات بين الدول على قاعدة تطوير خطاب إعلامي يرعى الإحسان إلى دول الجوار، والإشادة بما حققوه.
والآية مثال بديع في الخطاب الإعلامي الناجح الذي يمكن من طريقة بناء علاقات دولية قوية،
ثم إن الآية نص يوشك أن يكون صريحا في دعم سياسات نقل التكنولوجيا؛ ألم تعترف الآية على لسان الهدهد بأن ثمة ممالك وبلدانا تمتلك قدرات تقنية هائلة، وهو بعض ما توحي به الآية في جملتها الأخيرة {ولها عرش عظيم} وهو إقرار ناتج طبيعي لاعتراف سابق عليه يقول ﴿وأوتيت من كل شيء﴾
الآية توشك أن تكون جرس إنذار يفرض ضرورة التنبيه لأثر تطور العلوم والصناعات في حفظ أمن الأمة وأمن أراضيها وأمن أبنائها
ما رأيك بالموضوع !
0 تعليق: