خزانة الأديب :
بقلم الدكتور محمدعلى صالحين
الفنان التشكيلي خالد عبدالراضي
هذه اللوحة التشكيلية صورتها ريشة الفنان خالد عبد الراضي سنة 1988، وهي لوحة تعبيرية عن مشهد حي؛ بكل تفاصيله، في ساحة مسجد الفولي على كورنيش النيل بالمنيا.
ومفردات اللوحة: رجل عجوز يركب لعبة المدفع اليدوي، وبجواره بائعة البالونات، وحولهما التف بعض الصبيان والشباب المولعين بالألعاب الشعبية البسيطة، مع عامل المدفع الجالس على الكرسي، وفلاح قروي زائر للمكان.
اللوحة زيتية على قماش (توال).
وأرى أن اللوحة تنتمي إلى المدرسة الواقعية، وتهتم بكل تفاصيل البيئة الحقيقية، دون تجميل، أو سخرية؛ فالعجوز بنظرته الفطرية المستجدية الأمل، ولباسه الشعبي الرقيق غير المهندم، وقدمه الحافية يعبر عن الأرزقية الذين هم ملح الأرض، ونعبر عنهم بأنهم على باب الله.
وبائعة البالونات بقامتها الفارعة، وقدها الممشوق، ولباسها الشعبي البسيط المحتشم، وانحناءة ظهرها البسيطة القابلة لمزيد من التقوس مع قسوة الزمن، ووجهها الذي نفضت منه الابتسامة، ونزع قسرًا إلى الجدية الصارمة: تمثل المرأة المعيلة؛ التي تركت مملكتها بغير إرادتها؛ لتجمع قروش الخبز الحيسي لعيالها، وربما لرجلها!!!
والصبي الصغير الحالم، مع الشاب الذي جعل شعر رأسه على أحدث تقليعة حينها، وفتح زراير القميص كاشفًا عن شعر صدره؛ لإظهار الفتوة والحيوية: يعبران عن اهتمامات بسيطة لجيل أصبح اليوم في طبقة الكهول؛ بين الأربعين والخمسين!
أما عامل المدفع القابع فوق كرسيه، مع فلاح القرية المذبهل بفرحته البسيطة الطاغية: فيمثلان وجهين لعملة واحدة؛ كانا عماد المجتمع، وهرستهم مدنية فارغة من كل مضمون، هجر فيها الفلاح أرضه، واحتُقر فيها العمل اليدوي، أو انزوى؛ ليفسح الأرجاء للماكينات القادمة من بلاد الرجل الثلجي.
أما الألعاب فهي بنت بيئتها؛ مدفع حديدي مُصَنّع في أبسط ورشة حدادة، وبالونات مصنعة تحت بير السلم، لا وارد أوروبا، ولا صنع في الصين!
والخلفية: منازل الخمسينيات أو الستينيات، بطوابقها البسيطة المعدودة، وواجهاتها العادية المحدودة، دون رفاهية، ولا بذخ، ولا تطاول في البنيان!
تكملة الحديث عن الفنان التشكيلي ستتابعونه تباعا على هذا الرابط إن شاء الله
- اضغط هنا لمتابعة ( الفنان التشكيلي خالد عبد الراضي) اضغط هنا
- لمتابعة كتابات الأستاذ الدكتور محمد علي صالحين اضغط هنا
الأستاذ الدكتور محمد علي صالحين
أستاذ مساعد سابق لدى كلية دار العلوم جامعة المنيا
ما رأيك بالموضوع !
0 تعليق: