أ.د/ خالد فهمي :كأن القرآن يتنزل من جديد (نحو تعزيز الهوية) المقالة الثالثة١٤٤٣هـ - 2022 م
يقول رب العزة الواحد الفرد الصمد :مَّا الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِ الرُّسُلُ وَأُمُّهُ صِدِّيقَةٌ ۖ كَانَا يَأْكُلَانِ الطَّعَامَ ۗ انظُرْ كَيْفَ نُبَيِّنُ لَهُمُ الْآيَاتِ ثُمَّ انظُرْ أَنَّىٰ يُؤْفَكُونَ.
هذه آية نص في التأتي للأمور الخطيرة من أصرح الطرق وأوضحها وأظهرها استدلالا وتنوعا في البرهان.
الآية تلوذ باستراتيجيات الحسم والوضوح وتوشك أن تكون نموذجا فذا لما يمكن تسميته بتقنية اصطياد العصافير بالقنابل!
وهي استراتيجية تنهض على الدخول للقضية بما لا يتصور من أشكال الإعداد.
الآية تعالن بإنسانية المسيح المبارك من الله. وتعالن ببشريته من الطرق الكثيرة المتضافرة.
هي تقر ببشريته وناسوتيته من طريق النحو عندما تستثمر القصر بما وإلا. ومن طريق النحو عندما تذكر اسمه منسوبا إلى أمه مريم باستعمال أصرح ألفاظ النسبة وهو:ابن.
ثم الآية تقرر بشرية عيسى من طريق البيولوجيا عندما تقرر : وأمه صديقة؛ وهو ما يعني أنه مولود من امرأة حملته ثم وضعته. ثم تقرر طهارة أمه بالإخبار عنها بأنها :صديقة؛ منعا لأي تهمة، ولإثبات المعجزة في حقه. ثم الآية تقرر بشرية عيسى من جهة البيولوجيا والاجتماع معا عندما تقرر: كانا يأكلان الطعام. وهي جملة كناية تقرر احتياجهما إلى غيرهما؛ أو على حد تعبير القدماء الاحتياج إلى من يغذوهما. وكل محتاج إلى غيره لا يقوم بنفسه ولا ينهض بألوهية أبدا. والجملة تلمح إلى نمط احتياج آخر هو من جملة ما لا يتصوره عقل في أي إله وهو الاحتياج إلى ما يلزم من تناول الطعام وامتلاء البطن بعد الأكل وعمليات هضمه.
والآية واضحة جدا توظف النحو وتوظف الاستدلال العقلي من طريق عرض حقائق البيولوجيا في الولادة وحقائق الاجتماع من الأكل والاحتياج إلى الغذاء لكي تبرهن بالطرق الكثيرة المتضافرة بشرية عيسى الخالصة. وتلوذ بالتاريخ عندما تستثمر الإخبار عن قوائم الرسل الذين ارسلوا للناس وهم من جنس الناس وعيسى منهم في تعزيز القول ببشرية المسيح عليه السلام.
والآية تعلن أن هدفها من كل ذلك هو استنقاذ الذين تورطوا تورطا غير محمود في أمر كل دعوى تخالف القول ببشرية عيسى الخالصة من كل معنى يقترب به من ادعاء النسب الحقيقي بالله أو أي معنى يجعل منه إلها!
إن توظيف تكدس الآيات واجتماع البراهين تؤكد خطر كل دعوى تنال من التوحيد الخالص لله وحده.
والآية مثال واجب الاستثمار في التشغيل الحضاري في الأمة في ميادين التعليم وميادين الإعلام وميادين المفاوضات وميادين الصناعات الفكرية.
روابط تهمك
- لقراءة سلسلة (كأن القرآن يتنزل من جديد) الجزء الأول هنا
- لقراءة سلسلة (كأن القرآن يتنزل من جديد) زمان الأزمة هنا
- قراءةسلسلة(كأن القرآن يتنزل من جديد) نحو تعزيز الهوية هنا
- لقراءة كل مقالات وكتابات الأستاذ الدكتور خالد فهمي هنا
.
ما رأيك بالموضوع !
0 تعليق: