الدكتور حسام الشحات : نظرات فى لغة القرآن ( الحلقة الخامسة )

شارك :

 



سورة الفاتحة (روعة البدء)

التسمية: سميت الفاتحة لأنها السورة التي افتتح بها الكتاب العزيز وهي أعظم سور القرآن - كما ثبت من حديث أبي سعيد بن المعلى- وسميت كذلك (السبع المثاني)بنص القرآن في 

سورة الحِجر 87 (ولقد آتيناك سبعاً من المثاني والقرآن العظيم)

 ومعنى المثاني أي التي تُثنّى أي تكرر قراءتها كثيراً في الصلوات، وآياتها سبع بالإجماع وسميت (سورة الصلاة) فلا تصح الصلاة إلا بتلاوتها ومن أسمائها كذلك الشافية والكافية وسورة الحمد وغير ذلك مما لا يحصى من فضائلها

تبدأ السورة بعد البسملة بقول الله تعالى: الحمد لله، وهي بداية تشترك فيها خمس سور من القرآن الكريم بمواقع مميزة: الفاتحة في بدء القرآن الكريم، ثم سورة الأنعام بعد حوالي ربع القرآن الأول، ثم سورة الكهف بعد حوالي ربع القرآن الثاني، ثم سورتين متتاليتين؛ سبأ وفاطر بعد حوالي ربع القرآن الثالث وكأن البداية ب (الحمد لله) تأتي كل ربع قرآني لتذكر المؤمنين بحمده سبحانه وتعالى. 

المحاور الرئيسية: مفتاح البدء 

الفاتحة ملخص للقرآن كله فيها التعريف بالله تعالى بأحب الصفات إلى عباده بتكرار (الرحمن الرحيم)  والحمد له جل جلاله وتوحيده وإفراده سبحانه بالعبادة والاستعانة وطلب الهداية منه جل وعلا، ويقال: جُمِعت معاني الكتب السابقة في القرآن، وجمع القرآن في الفاتحة، 

وجمعت الفاتحة في قوله تعالى (إياك نعبد وإياك نستعين)  

والحمد يكون على الصفات الذاتية وعلى العطاء أما الشكر فيكون على المنح والعطايا والمدح قد يكون بالصدق أو الكذب و(الرحمن) على وزن  (فعلان) تفيد الامتلاء بالصفة ولا تفيد الثبات كقولك (عطشان) أو  (جوعان) و(الرحيم) على وزن  (فعيل) تفيد ثبات الصفة كقولك  (طويل) والجمع بين الصيغتين يفيد قمة الرحمة وثباتها على امتداد الأزمان  وفي كل مكان، وقيل (الرحمن) صفته سبحانه مع الخلق جميعا مؤمنهم وكافرهم أما  (الرحيم) فهي للمؤمنين خاصةً، قال تعالى (وكان بالمؤمنين رحيما) وهو سبحانه  (مالك يوم الدين) بجزئياته وتفاصيله وفي قراءات متواترة (ملك يوم الدين) بشموله وكليته فاستحق وحده الإفراد بالعبادة والاستعانة (إياك نعبد وإياك نستعين) وتوجه العباد له بطلب الثبات على الهداية  (اهدنا الصراط المستقيم) الطريق الواسعة الرحبة الموصلة إلى رضوانه وجنته  (صراط الذين أنعمت عليهم) من الصالحين المصلحين (غير المغضوب عليهم ولا الضالين) و المغضوب عليهم من عرفوا الحق فلم يتبعوه (وإن يروا سبيل الرشد لا يتخذوه سبيلا وإن يروا سبيل الغي يتخذوه) كاليهود ومن على شاكلتهم أما  (الضالين) فهم الذين ضلوا عن طريق الحق من البداية كمشركي النصارى ومن على شاكلتهم هدانا الله وإياكم سواء السبيل 

- أمثلة لألفاظ لم ترد في غيرها:

 في الآية 5 قوله تعالى (إياك) مرتين ويقول علماء البلاغة أن هذا التقديم يفيد التخصيص أي (نعبدك وحدك ولا نعبد سواك) و (نستعين بك وحدك لا سواك)

 وكذلك قوله تعالى (نستعين)

 وفي الآية 7 قوله تعالى (المغضوب)

- تركيبات لغوية خاصة: 

(الرحمن الرحيم) تكررت في الآية 1 و3 وبأخذ رأي من قال من المفسرين إن البسملة آية من الفاتحة وليست آية من سورة أخرى - بل توضع للفصل بين سورة وأخرى- فيكون التكرار في الفاتحة هو الوحيد 

قوله تعالى (إياك نعبد وإياك نستعين) لم يرد مثله في القرآن الكريم كله

 وكذلك قوله تعالى (المغضوب عليهم)  كوصف لمن يعرف الحق فيأبى اتباعه. 

مقارنات:

 تأمل قوله تعالى (اهدنا الصراط المستقيم صراط الذين أنعمت عليهم) في مقابلة (غير المغضوب عليهم ولا الضالين) 


سورة البقرة

التسمية:  (البقرة) تنفرد السورة بذكر قصة البقرة التي أمر الله نبيه موسى أن يذبحها بنو إسرائيل ليضربوا ببعضها جثة قتيل منهم فيحيا بمعجزة ربانية ويخبر بمن قتله! 

المحاور الرئيسة: 

منهج استخلاف الإنسان في الأرض

 أطول سورة في القرآن وهي مدنية تعالج أمور المعاملات وتشتمل على أحكام عديدة يربطها جميعاً توضيح منهج الاستخلاف في الأرض، وتضمنت أعظم آية في كتاب الله كما ثبت في صحيح مسلم من حديث أبي بن كعب رضي الله عنه - آية الكرسي 255 ، وكذلك تضمنت أطول آية في كتاب الله: آية الدَّين 282 ، وكذلك آخر آية نزلت من القرآن أي آخر وحي من السماء على قول الراجح من أهل العلم (واتقوا يوماً ترجعون فيه إلى الله ثم توفى كل نفسٍ ما كسبت وهم لا يظلمون) 281 

ومن فضائلها العديدة ما ورد في صحيح مسلم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: لا تجعلوا بيوتكم مقابر، إن الشيطان ينفر من البيت الذي تُقرأ فيه سورة البقرة)

 وتعرض - كما هو ظاهر من تسميتها – طرفاً من قصة بني إسرائيل وشدة تعنتهم وجدالهم مع نبيهم في قصة البقرة وفي ذلك تحذير لأمة الإسلام أن يحذوا حذوهم (قالوا سمعنا (وعصينا)) 93  فلابد للمؤمنين أن يطيعوا أوامر الله دون جدال لذلك تأتي في خواتيمها آية تظهر المقابلة بين المنهجين: (وقالوا سمعنا (وأطعنا) غفرانك ربنا وإليك المصير) 285 ومن القضايا التي تعالجها السورة من بدايتها تقسيم الناس إلى ثلاث فرق: المؤمنين والكافرين والمنافقين، وكذلك تذكير بني إسرائيل بنعم الله عليهم وتحذير أمة الإسلام من اتباعهم وتضمنت أحكاماً كثيرة في أمور القتال والجهاد والحج والطلاق والصيام وتحويل القبلة والحث على الإنفاق في سبيل الله والدَّين ولذلك تنفرد بتكرار المقطع (كُتِبَ عليكم ...) بمعنى الفرض والإلزام وغير ذلك من تفاصيل منهج استخلاف بني آدم في الأرض

 وجعلها الأستاذ سعيد حوى في تفسيره (الأساس) مقدمة لكل سور القرآن بعدها مبيناً الوحدة الموضوعية الكاملة لسور القرآن.

 وأبدع الدكتور محمد عبد الله دراز في كتابه العظيم (النبأ العظيم) في تقسيمها إلى مقدمة وأربعة مقاصد وخاتمة.

أمثلة لألفاظ لم ترد في غيرها: 

لم ترد الكلمات الآتية إلا في سورة البقرة: وجميعها - ما عدا كلمة (بقرة) - وحيدة في بابها أي أنها لم ترد بكل مشتقاتها إلا في سورة البقرة:

(ربحت) الآية 16

مادة (س ف ك): (يسفك)30 و(تسفكون)84

(بقلها) و(قثائها) و(فومها) و(عدسها) و(بصلها) جميعها لم ترد بكل مشتقاتها إلا في سورة البقرة وجميعها في الآية 61

(بقرة) مفردة بهذا النص في 4 آيات متتاليات 67و68و69و70

(فاقع)69

(شية)71

(ميكال)98 

(هاروت) و (ماروت)102

(شطر)144و149و150 و(شطره)144و150مادة (ش ط ر) 

(المروة)158 

(ينعق)171

(رمضان)185

مادة (ر ف ث): (الرفث)187 و(رفث)197

مادة (و س ن): (سِنة)255

(يؤوده) 255

في الحلقة القادمة بإذن الله نعرض  للتراكيب والعبارات الخاصة التي انفردت بها سورة البقرة


شارك :

آية وتفسيرها

الدكتور حسام الشحات

درر وجواهر العلماء

قرآنيات

نظرات في لغة لقرآن

ما رأيك بالموضوع !

0 تعليق: