خزانة الأديب : من طرائف العامية المصرية :
استعمال حرف الشين
في أساليب النفي في العامية المصرية
الأصل في هذه الشين المستعملة في أساليب النفي
في اللهجة العامية المصرية أنها اسم بمعنى شيء.
وبسبب كثرة الاستعمال فقد حذف الحرفان الأخيران ولم يبق منه إلا حرف الشين فقط، وصار هذا الحرف ( الشين) يستعمل في كل أساليب النفي في العامية المصرية، سواء لنفي الفعل في الزمن الماضي أو الحال أو المستقبل.
فعند نفي الفعل في الزمن الماضي نقول مثلا :
- أنا ما عملتش.
فأصله : ما عملت شيئا.
ونقول: أنا ما فهمتش.
فاصله: ما فهمت شيئا.
ونقول: أنا ما كتبتش.
فأصله: ما كتبت شيئا.
ومن الطريف هنا أن تبقى هذه الشين - التي بمعنى شيء - حتى لو ذكر مفعول آخر غيره.
إذ نقول مثلا : أنا ما فهمتش الدرس.
فأصله: أنا ما فهمت الدرس.
ونقول: أنا ما عملتش حاجة.
فالأصل: ما عملت حاجة.
ونقول: أنا ما قلتش كلمة.
فالأصل: ما قلت كلمة.
ونقول: أنا ما أكلتش لقمة.
فالأصل: ما أكلت لقمة.
فالشين هنا - في حقيقة الأمر - حرف زائد، لا معنى له في الأصل ، ولكنه قد بقي بفعل القياس الخاطئ، وكأنه قد صار لاحقة للفعل لتأكيد معنى النفي مع الحرف ( ما).
ومن الطريف كذلك أن تبقى هذه الشين حتى مع الفعل اللازم الذي لا يحتاج أصلا إلى مفعول به، وذلك بفعل القياس الخاطئ أيضا .
إذ نقول مثلا:
- أنا ما نمتش.
فأصله: أنا ما نمت.
فالشين هنا زائدة ؛ لأن (نام) فعل لازم لا يحتاج إلى مفعول به.
وكذلك نقول :
أنا ما قعدتش ، و ماقمتش ، وما خرجتش....
وأطرف من ذلك أن تدخل هذه الشين - التي كانت في الأصل اسما بمعنى شيء - على ما النافية، ليصيرا معا كأنهما حرف واحد دال على معنى النفي، وهو ( مش).
ويحدث ذلك عند التعبير عن نفي الفعل في الزمن المستقبل ، كما في قولنا :
- أنا مش هكتب ، ومش هعمل ....
وأنا مش كاتب، ومش عامل....
وكذلك عند نفي الفعل في زمن الحال أو الزمن الحاضر، كما في قولنا:
- أنا مش بكتب، ومش بعمل...
وهكذا تحولت دلالة هذه ( الشين) الكائنة في أساليب النفي في العامية المصرية من الدلالة على معنى كلمة ( شيء) إلى الدلالة على معنى النفي.
ولعل في هذا ما يؤكد لنا أن اللهجة العامية
لا تصلح أن تكون لغة للأدب والعلم والثقافة،
نظرا لما يعتريها من كثرة الأخطاء الناتجة عن
القياس الخاطئ الذي يقع فيه العامة بدون وعي منهم .
أسعد الله صباحكم بكل خير.
د. مفرح سعفان
كلية الآداب / جامعة المنوفية
ما رأيك بالموضوع !
0 تعليق: