الأستاذ الدكتور خالد فهمي : كأن القرآن يتنزل من جديد (زمان الأزمة/ 2)

شارك :

خزانة الأديب :
الأستاذ الدكتور خالد فهمي : كأن القرآن يتنزل من جديد (زمان الأزمة/ 2 )

يقول الرحمن الرحيم :
(فَبَدَّلَ الَّذِينَ ظَلَمُوا قَوْلًا غَيْرَ الَّذِي قِيلَ لَهُمْ
فَأَنزَلْنَا عَلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا رِجْزًا مِّنَ السَّمَاءِ بِمَا كَانُوا يَفْسُقُونَ).

هذه آية كأنما تتنزل الآن.
نعم الآن.
الآية تساق مساق البرهان.
لقد جاء نظم الآية أشبه شيء بقياس منطقي؛ من مقدمة :( فبدل الذين ظلموا قولا غير الذي قيل لهم). ومن نتيجة:( فأنزلنا على الذين ظلموا رجزا من السماء). ومن تعليل صريح لما كان من نتاج حاصل المقدمات تمثل في تذييل الآية:( بما كانوا يفسقون).
الآية ككل آيات النذارة منظومة من معجم شفاف بللوري.
و الآية ككل آيات النذارة منظومة من تراكيب شفافة مثالية ليس فيها حذف .
و المعجم الشفاف هدفه الوصول لكل المخاطبين على تفاوت عقولهم وتفاوت ثقافاتهم.
والتراكيب المثالية الشفافة هدفها حماية العقول من مزالق الخطأ من طريق إغلاق أبواب التقدير النحوي وما يترتب عليه من تأويل دلالي.
الآية تقرر في مقدمتها أن تبديل الوحي طريق مدمرة للحضارة؛ ذلك أن الوحي الذي جاء من السماء كان هو شرط تأسيس العمران من لدن نزل آدم إلى الأرض مع وعد الرب بإنزال الهدي المانع مع اتباعه من الأحزان والمخاوف.
الآية تقرر في مقدمتها أن إسقاط كلام الله وإحلال كلام غيره محله هو طريق خراب الدنيا.
ثم إن الآية تقرر أنه يترتب على حدوث تبديل كلام الله حدوث تنزيل للرجز من السماء. والرجز في المعجم العربي والمعجم القرآني: عذاب. والرجز في التفسير الأثري ؛ بثر ودمَّل. والرجز في التفسير بالمأثور كذلك؛ الطواعين والأوبئة. والرجز أيضا؛الأسقام و الأوجاع والأمراض.
و الآية في تذييلها تعالن بسبب تنزيل العذاب والمرض والطاعون وتحصره في السعي في الأرض بقوانين الفسق ومعاندة الله وتجاوز ما أمر به والتورط فيما نهى عنه.
الآية تعالن بخطر ترك شريعة السماء إلى أية منظومة قانونية وضعية.

و الآية تعالن بتأخير رتبة العلوم الشرعية والتنكر لطب الأديان لحساب غيرها مما قدموه عليها أو فصلوه منها عن هدي وحي السماء كان خطيئة وسيظل خطيئة إن تمادت البشرية فيه.


الآية تقرر أن فصل الدنيا بعيدا عن وحي السماء كان الطريق التي مهدت لكل أشكال العذاب والوباء.
والآية صريحة في أن العذاب عقاب السماء على تبديل الإنسان الوحي. وتعالن بأن الطاعون والوباء حصاد التنكر لوحي السماء. وتعالن بأن التولي بعيدا عن التعرض لوحي السماء يفتح الطريق لاستقبال رجز السماء وعذابها وعقابها وأمراضها.
الآية تعالن بأن استمرار السير في طريق التبديل هو استمرار لتطور الأوبئة والأمراض. وتعالن بأن التجديد في ميدان البعد عن كلام الله هو عينه السبب المحقق للتجديد في ميدان انتشار الأوبئة والأمراض.
الآية قانون متجدد بموجب التذييل الذي يستعمل الفعل المضارع الدال على التجدد.
الآية تقرر أن الفعل (بدل) هو بداية خراب العالم.


و الآية تقرر سرعة تنزيل العذاب وترتبه على التبديل.
و الآية تصرح بأن الفسق ومخالفة أوامر الله والتورط في مناهي الله هي الطرق المفضية إلى سقوط الحضارة وتآكل العمران وذهاب الثروات وإبادة مظاهر الحياة ثم هي تصرح بأن الإيمان بالله وطاعته والامتثال له هي الطرق المشرعة إلى تحصين الإنسان الذي هو أعظم محدد للتنمية.

وهي الطرق الَوسيعة القائدة إلى عمران الحياة وبهجة الوجود.
الآية تصرخ بأن التبديل للقليل ولو كان ( قولا) هو عين الفسق الآخذ بأيدي الناس إلى الغرق في الدمار الذي هو (الرجز).
الآية ترحم البشرية بالنذارة البالغة. والآية ترسم خرائط النجاة والسلامة والرفاهة للإنسانية كاملة.

----------------------------------------------------
الأستاذ الدكتور خالد فهمي : كأن القرآن يتنزل من جديد (زمان الأزمة/ 1)



شارك :

الأستاذ عثمان جمعة

الدكتور خالد فهمي

درر وجواهر العلماء

قرآنيات

كأن القرآن يتنزل من جديد

كأن القرآن يتنزل من جديد (زمان الأزمة)

ما رأيك بالموضوع !

2 comments:

إقرا أيضا

تحميل أقوى مذكرة نحو للصف الأول الثانوي

 خزانة الأديب: لطلبة وطالبات أولى ثانوي،  ننشر مذكرة القواعد النحوية الشاملة للصف الأول الثانوى نظام حديث

الأستاذ عثمان جمعة